وقفة مع الاعجاز العلمـــــــــــــــــــي ..
وعيا منا بما أثير حول الاعجاز والتفسير العلمي للقرآن والسنة من شبهات ودعوات مغرضة ارتأينا لزاما علينا أن نضع بين أيديكم - لنلقي نظرة عامة على الموضوع من كل جنباته - هذا المقال المختصر الذي اعتمدت فيه كمرجع على علم من أعلام هذا المجال د.زغلول النجار .. عل الضباب المكتنف حول الموضوع ينقشع بحول الله وقوته ..
1 - نبذة عن اعجاز القرآن الكريم
تعريف لفظة الاعجاز
(الاعجاز) لفظة مشتقة من اثبات (العجز) وهو الضعف وعدم القدرة. يقال (عجز) عن كذا أي لم يقدر عليه فهو عاجز عن الاتيان به . ويقال (عجزه) و (أعجزه) و (استعجزه) أي صيره عاجزا نسبة الى العجز . ويقال (عاجزه) (معاجزة) أي سابقه مسابقة . و(الأعجز) هو العظيم العجز ومؤنثه (العجزاء) . و(العجوز) وجمعه (عجائز) المرأة المسنة . (العَجِزُ) وجمعه (أعجاز) مؤخر الشيء والجسم . و(عَجُزُ) بيت الشعر شطره الثاني .و (أعجاز) النخل أصولها .. ويقال (أعجز) في الكلام أي أدى لمعانيه بأبلغ الاساليب ..
و(الاعجاز) بمعنى السبق والفوت مصدر (أعجز) ..
وعلى ذلك تعرف المعجزة وجمعها المعجزات بأنها الأمر الخارق للعادة السالم من المعارضة المقرون بالتحدي لعجز البشر عن الاتيان بمثله.
ولم ترد في القرآن الكريم لفظة إعجاز أو معجزة، كما لم يستعملها المؤلفون قديما، بل استعملوا مكانها "آية" أو "كرامة"، حتى جاء الواسطي واختار "إعجاز القرآن" عنوانا لكتابه المعروف..
واعجاز القرآن الكريم معناه عجز الخلق أجمعين انسهم وجنهم .. فرادى ومجتمعين .. عن أن يأتوا بشيء من مثله لذلك أنزل ربنا سبحانه وتعالى في محكم تنزيله هذا التحذي الأزلي الذي يقول فيه :
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا الاسراء /88
ويقول سبحانه
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ** فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ البقرة 23/24
وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ** أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ يونس/37/38
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ هود /13
ومن المعروف في تاريخ الشرائع ، أن كل نبي كان يحمل بين يديه إلى قومه آية معجزة يلقاهم بها متحديا على صورة لم يسبقه إليها أحد من قبل أن تطلع عليهم، بل كان البعض يحمل أكثر من آية لتكون دليله القطعي على أنه مرسل من الله.. فإن كفروا بها وجحدوها فليأتوا بمثلها؛ وهيهات هيهات..
وكل آية تعطى للأنبياء، كانت خاصة في قومه، لا تتعدى إلى من بعده من الرسل، فموسى عليه السلام كانت معجزته العصا التي يلقيها فتتحول إلى حية تسعى، ويده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، فعندما توفي انقضت المعجزة. وعيسى كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، فلما رفعه الله إليه انقضت المعجزة..
أما سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد تعدت معجزته إلى يوم القيامة، كاملة محفوظة بأمر من الله، فمعجزته القرآن.. كتاب الله الخالد، وكل من أتى بعد النبي بوسعه رؤيته وقراءته.. فالحمد لله الذي فضلنا على كثير من خلقه
2 - تعريف الاعجاز العلمي للقرآن الكريم
تعريف العلم : وصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم.
والعلم : هو إدراك الأشياء على حقائقها. أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً. والمقصود بالعلم في هذا المقام : العلم التجريبي. وعليه فيعرف الإعجاز العلمي بما يلي:
ان تعبير (الاعجاز العلمي للقرآن الكريم) يقصد به سبق هذا الكتاب العزيز بالاشارة الى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول الى فهم شيء منها الا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن الكريم .. تزيد طولها على عشرة قرون كاملة في أقل تقدير لها. ولا يمكن لعاقل أن يتصور لهذه الحقائق العلمية مصدرا غير الله الخالق - سبحانه وتعالى - حيث لم يكن ممكنا لأي من البشر ادراكها في زمن الوحي و لقرون عديدة من بعده وفي اثبات ذلك تأكيد لأهل العلم في عصرنا أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي انزله بعلمه على خاتم الأنبياء ورسله .. وتصديقا للنبي والرسول الخاتم - صلى الله عليه وسلم - في نبوته ورسالته وفي التبليغ عن ربه .
3 - الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي
هناك فرق بين التفسيرالعلمي والاعجاز العلمي للقرآن الكريم وبالرغم من ذلك يخلط كثير من الناس بينهما .. ويبنون بعض أحكامهم الخاطئة بناء على فهمهم الخاطئ.
ففي التفسير العلمي للآيات الكونية توظف كل المعارف المتاحة من الثوابت العلمية والنظريات والعروض والمشاهدات .. لأن التفسير يبقى جهدا بشريا لمن أصاب فيه أجران ولمن أخطا أجر واحد .
أما الاعجاز العلمي للقرآن الكريم فلا يجوز ان يوظف فيه الا القطعي من الثوابت العلمية وذلك لأن المقصود به هو اثبات أن القرآن الكريم الذي أوحى به الله الى نبي أمي - صلى الله عليه وسلم - في أمة أمية قبل أربعة عشر قرنا يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يتمكن للانسان الوصول اليه الا منذ عقود قليلة وبعد مجاهدات طويلة عبر عدد من القرون المتواصلة وهذا ما لا يمكن لعاقل أن يتصور حدوثه الا بوحي من الله - سبحانه.
وتجدر الاشارة الى ان التفسير العلمي لا يهدم تفسير السلف من الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين.
4- أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها:
تجديد بينة الرسالة الاسلامية في عصر الكشوف العلمية :
إذا كان المعاصرون لرسول الله قد شاهدوا بأعينهم، كثير من المعجزات،فإن الله أرى أهل هذا العصر، معجزة لرسوله تتناسب مع عصرهم، ويتبين لهم بها أن القرآن حق، وتلك البينة المعجزة هي : بينة الإعجاز العلمي، في القرآن والسنة، وأهل عصرنا لا يذعنون لشيء مثل إذعانهم للعلم، وبيناته ودلائله، على اختلاف أجناسهم وأوطانهم وأديانهم، وأبحاث الإعجاز كفيلة بإذن الله بتقديم أوضح الحجج، وأقوى البينات العلمية، لمن أراد الحق من سائر الأجناس. وفي حجج هذه الأبحاث قوة في اليقين، وزيادة في إيمان المؤمنين.﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الأنفال:2).وظهور هذه البينات العلمية، يسكب الثقة مرة ثانية، في قلوب الذين فتنهم الكفار من المسلمين عن دينهم باسم العلم ؛ الذي قام عليه التقدم والحضارة.
والله الموفق لكل خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته