علاج الكــــــــــــــــــــــــــــــــسل
فإن الكسل جرثومة قاتلة، وداء مهلك، يعوق نهضة الأمم والشعوب، ويمنع الأفراد من العمل الجاد والفكر المثمر والسعي النافع، والبذل الحميد.
الكسل....
ما أصاب أمة إلا أضعفها وأخَّرها ودمَّرها..
وما أصاب شعباً إلا ضيَّعه وجهله، وأفشله ووهاه.
وما أصاب فرداً إلا أسقمه وأخزاه وأذله وحقَّره.
الكسل: هو التثاقل عما لا ينبغي التثاقل عنه من أمور الدين والدنيا.
أقسام الكسل
والكسل قسمان:
الأول:
كسل العقل بعدم إعماله في التفكر والتدبر يصلح شأن الإنسان من ناحية، وفي تركه النظر إلى ما يصلح شأن الإنسان ومن حوله في الدنيا التي فيها معاشه، وما تأخرت الأمم إلا نتيجة كسل أصحاب العقول فيها وقلة اكتراثهم بالقوة الإبداعية المفكرة التي أودعها الله فيهم.
الثاني: كسل البدن المؤدي إلى التثاقل عن الطاعات وأداء العبادات على الوجه المشروع، وكذلك يؤدي إلى تأخر الأفراد بَلْهَ الأمم والشعوب في مجالات النشاط المختلفة من زراعة وصناعة وغيرهما..
ذم الكسل في الكتاب والسنة
وقد ذكر لفظاً في كتاب الله في موضعين اثنين مقروناً بالذم جُعل صفة من صفات المنافقين وعلامة من علاماتهم..
فالموضوع الأول: قوله تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}
[النساء: 142]
قال ابن كثير: "هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها، وهي الصلاة ، إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنهم، لأنهم لا نية لهم فيها، ولا إيمان لهم بها ولا خشية، ولا يعقلون معناها، كما روى ابن مردويه عن ابن عباس قال: "يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان، ولكن يقوم إليها طلق الوجه، عظيم الرغبة، شديد الفرح فإنه يناجي الله، وإن الله تجاهه يغفر له ويجيبه إذا دعاه، ثم يتلو هذه الآية: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى}
[النساء: 142]
هذه صفة ظواهرهم، ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم فقال: {يُرَآؤُونَ النَّاسَ}
أي: لا إخلاص لهم، ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيراً عن الصلاة التي لا يُرون فيها غالباً كصلاة العشاء في وقت العتمة، وصلاة الصبح في وقت النعاس، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً»
أما الموضع الثاني: ففي قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54]
وأما السنة النبوية: فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الكسل، مما يدل على ذمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل [متفق عليه]
وقرنه صلى الله عليه وسلم بالعجز، لأن كليهما يؤدي إلى التثاقل عن إنجاز المهمات.
وقال صلى الله عليه وسلم فيمن نام ولم يصل بالليل حتى أصبح، وقيل نام عن صلاة العشاء: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استقيذ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان»
[متفق عليه]
قال ابن عبدالبر: "هذا الذم يختص بمن لم يقم الصلاة إلى صلاته وضيعها، أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل، فغلبته عينه فنام، فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته، ونومه عليه صدقة".
ليس من الكسل المذموم
والكسل المذموم هو الذي يمنع صاحبه من أداء ما عليه من واجبات، ويصده عن معاناة المشاق إيثاراً للراحة، وقد يصيب الأخيار نوع من الفتور فيكسلون عن أداء ما تعاهدوا به أنفسهم من نوافل الطاعات على الوجه الأكمل، فلا يتركون هذه الطاعات، وإنما ينتقلون من حال الكمال في أدائها إلى حال أقل كمالاً، كي يعود إليها نشاطها وقوتها، وهذا من حسن سياسة النفس وجودة قيادها، ومما يدل على ذلك أن عبدالله بن قيس روى عنعائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً".
الكسل هو الموت
وهذا فصل نافع ذكره الراغب الأصفهاني في كتابه (الذريعة) فقال في مدح السعي وذم الكسل:
"من تعطل وتبطل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار من جنس الموتى".
وذلك أنه إنما خُصَّ الإنسان بالقوى الثلاث ليسعى في فضيلتها.
فإن فضيلة القوة الشهوية تطالبه بالمكاسب التي تنميه.
وفضيلة القوة الفكرية تطالبه بالعلوم التي تهديه، فحقه أن يتأمل ويسير قدر ما يطيقه، فيسعى بحسبه لما يفيده السعادة.. فإن من تعود الكسل ومال إلى الراحة فقد الراحة، "فحبُّ الهوينا يكسب النصب".
وقد قيل:
إن أردت ألا تتعب، فاتعب لئلا تتعب.
وقيل: إياك والكسل والضجر، فإنك إن كسلت لم تؤدّ حقاً، وإن ضجرت لم تصبر على الحق.
قال الشاعر:
إن التواني أنكح العجـز بنتـــه *** وســـاق إليها حيـن أنكحها مهراً
فِراشاً وطيئاً ثم قال لها اتكى *** فقصراً كما لا شك أن يلدا الفقرا
وقال يزيد بن المهلب:
"ما يسرني أني كفيت أمر الدنيا لئلا أتعود العجز".
ولأن الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية، فكل هيئة، بل كل عضو تُرك استعماله يبطل، كالعين إن غمضت، واليد إذا عطلت، وضعت الرياضات في كل شيء.
ولما جعل الله تعالى للحيوان قوة التحرك، لم يجعل له رزقاً إلا بسعي منه، لئلا تتعطل فائدة ما جعل له من قوة التحرك.
وتأمل حال مريم عليها السلام، وقد جعل لها من الرطب الجني ما كفاها مؤنة الطلب، وفيه أعظم معجزة، فإنه لم يُخلها من أن يأمرها بهزها فقال تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً}
[مريم: 25]
وكما أن البدن يتعود الرفاهية بالكسل، كذلك النفس بترك النظر والتفكير، تتبلد وتتبله، وترجع إلى رتبة البهائم.
فحق على الإنسان ألا يذهب عامة أوقاته إلا في إصلاح أمر دينه ودنياه، متوصلاً به إلى إصلاح أمر آخرته، ومراعياً لها.
قال الحجاج: "إن امرأً أتت عليه ساعة من عمره، لم يذكر فيها ربه، أو يستغفر من ذنبه، أو يفكر في معاده، لجديرٌ أن تطول حسرته يوم القيامة".
أسباب الكسل:
للكسل أسباب كثيرة منها:
أولاً:
النفاق
وهو خاص بالتكاسل عن الواجبات الدينية، وذلك لأن المنافق ليس له نية صالحة في أداء العبادات، فيؤديها إن أدَّاها رياء وطمعاً في رؤية الخلق وخوفاً من عقوبة الدنيا، ولذلك فإنه يتكاسل عن الواجبات الدينية إن أحس أنه في مأمن من نظر الناس ومراقبتهم له.
وقد تقدمت الأدلة على ذلك من القرآن والسنة.
ثانياً:
العجز وحب الراحة:
قال بن الجوزي: "الموجب للكسل حب الراحة حديث أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل.
وفي أفراد مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز»
ثالثاً:
الفراغ
والفراغ قد يكون نعمة إن استعان به الإنسان على النافع من أعمال الدنيا، وقد يكون نقمة إن جعله وسيلة للكسل والراحة، والقعود عن إنجاز المهمات وأداء الأعمال والمصالح، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه:
"إني لأبغض الرجل أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
وقال: "يكون في آخر الزمان أقوامٌ أفضل أعمالهم التلاوم بينهم، يسمون الأنتان!"
وقال ابن عباس:
"تزوج التواني بالكسل، فولد بينهما الفقر".
رابعاً:
الترف:
إن الإنسان لابد أن يؤدي أعماله بنفسه حتى ولو كان غنياً يستطيع استخدام من يؤدي عنه أعماله، لئلا يتعود الكسل والبطالة، ولقد رأينا كثيراً من الأغنياء كانوا يستمتعون بالعمل، فينظفون بيوتهم بأنفسهم، ويقودون السيارة، ويزرعون حدائق بيوتهم.
أما المترفون فإنهم يرون ذلك من العيب، فقد أدى لهم الترف إلى الكسل وترك العمل، فساءت أحوالهم، وحُرموا من متعة الحياة الطيبة التي يهيئها لهم العمل النافع، فأصبحوا لا قيمة لهم، وإن كانوا يملكون الأموال الكثيرة.
خامساً:
كثرة الطعام والشراب:
إن الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدي إلى التناقل عن الطاعات ومزاولة ما ينفع من الأعمال، فمن أكل كثيراً شرب كثيراً، فنام كثيراً، ففاته خير كثير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه»
سادساً:
كثرة النوم:
قال ابن القيم: "فإنه يميت القلب، ويثل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل"
سابعاً:
طول الأمل:
وطول الأمل يدعو كذلك إلى التثاقل عن الطاعات واغتنام الأعمار في كسب الحسنات، ومن طال أمله فسد عمله.
ثامناً:
صحبة أهل الكسل:
فإن صحبة هؤلاء تعوق عن التطلع إلى معالي الأمور، وتغري بالتشبت بسفافها، وتسقط الهمة، وتضعف العزائم، وقد قيل:
فلا تجلس إلى أهل الدنايا *** فإن خلائق السفهاء تعادي
تاسعاً:
التعلق بالأوهام والأماني الكاذبة
وهذا حال الكسالى الضعفاء الذين لا يبذلون الأسباب التي تدفع عنهم الضعف والتخلف والهزيمة، بل يكتفون بالحديث عن ماضي أسلافهم، وأمجاد أجدادهم، ويتوهمون أن ذلك الماضي يمكن أن يعود دون عمل وبذل وتضحيات.
لا تحسب المجد تمرأ أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
عاشراً:
فساد البيئة
إن البيئة التي يعيش الإنسان فيها لها تأثير عظيم على استعدداته الفكرية والنفسية والبدنية.
فالإنسان إذا عاش في أسرة مفككة، ومجتمع ساقط، ليس فيه عدالة ولا اهتمام بالعلم، والإبداع تأثر بذلك وفترت همته فأخذ شيئاً فشيئاً ينتظم في سلك الكسالى والعاجزين.
وإذا كان الإنسان يعيش في أسرة مترابطة ومجتمع سليم تحركه الأهداف العُليا، انطلق نحو العمل الجاد والفكر المثمر، وسمت همته إلى تحقيق الإبداعات التي ترقى به وبأمته في سماء المجد.
علاج الكسل
ويعالج الكسل بضد ما ذكرناه من أسباب ومن ذلك:
1-الإيمان الحقيقي المؤدي إلى العمل النافع، وقد اقترن العمل بالإيمان في عشرات الآيات {الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ}.
2-علو الهمة والتشمير عن ساعد الجد، فاللبيب يعلم أنه لم يُخلق عبثاً، وإنما هو في الدنيا كالأجير أو التاجر.
3-النظر في حُسن عاقبة العاملين وسوء عاقبة الكسالى البطالين.
4-ملء الفراغ بكل مفيد نافع.
5-عدم الركون إلى الترف والانهماك في طلب اللذات.
-وضع أهداف عُليا يعمل على تحقيقها، ويمكن تقسيم هذه الأهداف قريبة وأهداف بعيدة:
فمن الأهداف القريبة مثلاً: حفظ القرآن، أو حفظ بعض المتون.
ومن الأهداف البعيدة، إخراج الأمة من حالة التخلف، ولا تنسى الهدف الأساسي وهو إقامة العبودية والوصول إلى رضاالله تعالى والفوز بجنته.
7-الاعتدال في الطعام والشراب والنوم.
8-الاعتدال في جانب المخالطة، ولا يصاحب إلا أهل العمل والاجتهاد.
9-عدم الاسترسال مع الأوهام والأماني الكاذبة، فالنعيم لا يدرك بالنعيم، والراحة لا تنال بالراحة.
قال أحد السلف:
"لا ينال العلم براحة الجسد، فمن تلمح ثمرة الكسل اجتنبه، ومن مد فطنته إلى ثمرات الجد، نسي مشاق الطريق".
10-قال ابن الجوزي:
"ومن أنفع العلاج: النظر في سير المجتهدن، فالعجب من مؤثر البطالة في موسم الأرباح، وتارك الاستلاب وقت النثار".
قال فرقد: "إنكم لبستم ثياب الفراغ قبل العمل، ألم تروا إلى العامل إذا عمل كيف يلبس أدنى ثيابه، فإذا فرغ اغتسل ولبس ثوبين نقيين، وأنتم لبستم ثياب الفراغ قبل العمل".
انتهى الموضوع الاول
الموضوع الثاني نقل أجزاء منه للفائدة وتم شطب أجزاء منه
إن الكسل مرض، إذا دخل في حياة الإنسان حول العبد إلى موجود مشلول.. والكسل نوعان: كسل مطلق، وكسل نسبي.. ومثال ذلك الإنسان الرياضي، الذي يكون مستعدا لأن يركض عدة ساعات من زاوية إلى زاوية، ولا يشعر بالملل.. بينما عندما يأتي إلى الصلاة، فإنه يتثاقل عن أداء ركعتين.. وذلك لأن الإنسان ينشط في المجال الذي يرغب فيه.
*
موجبات الكسل في حياتنا: لا بد أن هناك سبباً وعلة لهذا المرض الذي أُصبنا به، والذي خالط حياتنا، وجعل منا أناسا كسالى، مبتعدين عن كل قيم النشاط والحركة الهادفة للسير إلى الله تعالى.
أولاً: فقدان الهدف: إن الإنسان الذي يعيش بلا هدف ولا غاية، يعيش حالة من حالات الكسل والتقاعس!.. كالتاجر -مثلاً- إن كان صاحب مال، ولكن لم يبنِ تجارته على أساس صحيح، كأن لا يكون عنده خطة عملٍ، أو لا يكون عنده محل للبيع.. فإن هذا التاجر حتماً سيعيش حالة من حالات التقاعس عن العمل.. وعليه، فلا بد لنا أن نفهم الهدف الذي يجب أن نجعله نصب أعيننا، وقد أشار الله عز وجل إلى الهدف من خلقنا بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.. ولو أننا أطلقنا العنان لنرى الثمار التي سنجنيها عاجلاً في الدنيا، أو آجلاً في الآخرة، لدبّت حركة النشاط في أنفسنا، وذلك بعد أن نجعل الهدف السامي أمامنا.
ثانياً: تكرر الإخفاقات في الحياة: إن تكرر الفشل والإخفاقات في حياتنا، قد يهزم الكثير منا، ويجعلنا نعيش حالة من حالات اليأس من روح الله.. وهذا اليأس حتماً يدفعنا للتقاعس والكسل، إذ أن كل حركة ننوي القيام بها، يكون اليأس هو المسيطر فيها، وهو الآمر -في كل الأحوال- لنا بالتقاعس والكسل {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.. ولنأخذ بعين الاعتبار أن (اليأس من رحمة الله، من كبائر الذنوب).
ثالثاً: العيش مع الكسالى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَن يخالل).. إذ أن الإنسان يتأثر بالأصحاب والرفقاء في كل الأمور، حتى في مسألة الكسل، فالإنسان إن عاش في وسط من الرفقاء والأصحاب الكسالى، فإنه سيرى أن هذه الحياة هكذا كما يتعامل معها الناس بالكسل والخمول.. لذا فلا بد لنا من مصاحبة رفقاء، لهم هدف سامٍ في هذه الحياة، لنسير نحن كذلك على نفس الهدف.
رابعاً: الرضوخ للواقع: إن الرضا بالوضع الذي نعيش فيه، لا يدعنا نتطلع إلى المستقبل، ولا أن نتقدّم في الخطوات للسير إلى الله سبحانه وتعالى.. وهذا أيضاً سبب من أسباب الكسل المهمة.
خامساً: الانسياق وراء الشهوات والانصياع لمتطلباتها: إن هذا العامل هو أيضاً من أهم العوامل، التي تجعل الفرد يميل إلى الكسل والخمول.. إذ أن المنصاع وراء تلك الشهوات الخادعة، سرعان ما يمل منها، وإن كان سعيه حثيثاً وراءها، سواء أكانت هذه الشهوة متمثلة في شهوة الطعام، أو شهوة النساء، أو شهوة جمع المال، أو غيرها من الشهوات.. وعليه، فإن على المؤمن كبت هذه الشهوات الجامحة، وجعل العقل هو المسيطر والرائد في هكذا أمور.
سادسا: مسألة العجلة المترقبة لكسب الثمار: إن الكثير من الناس، يسمع عن أحوال المؤمنين الذين جاهدوا أنفسهم طويلاً، والتجليات الجليلة التي تحصل لهم، جراء الأعمال الصالحة، والشغل الدؤوب الذي شغلوا أنفسهم به، لتصل إلى أسمى المراتب.. والكثير من الناس يود أن يقتصر الطريق في خطوة واحدة، فيلاحظ أن التجليات التي يترقبها لم تقبل عليه.. لذا ييأس ويكسل، ويبتعد عن الانخراط في أجواء العبادة والطاعة.
سابعاً: كثرة الطعام، وكثرة النوم: إن الروايات الواردة عن هذين الأمرين كثيرة جداً ومستفيضة، والروايات على كثرها تنهى عن النوم الكثير والأكل الكثير، إذ أنه يثقل حركة الإنسان، ويجعل منه جثه فارغة، لاهدف لها ولا عمل، إلا النوم والأكل.. فإذا أقبل الإنسان على الطعام وملأ بطنه بالأكل، فإنه يتثاقل عن العبادة والطاعة، ويحدث له الكسل غير المرغوب فيه.
*
ابتلاءات الكسل وعواقبه الوخيمة: بما أن الكسل هو داء الروح وداء النفس، لذا فمن البديهي جداً أن يكون لهذا المرض ابتلاءات وعواقب، ومن أهم تلك الابتلاءات هذان الابتلاءان:
أولهما: أن يترك ما أمر به من قبل الله عز وجل من واجبات، ويقبل على المحرمات.. كأن يترك الصلاة، والصوم، والحج، وغيرها من العبادات، كسلاً وتثاقلاً.
وثانيهما: أن يقبل على الطاعة جسداً لا روحاً، فلا يحس بأية قيمة روحية.. ناهيك عن تلك العواقب المعدة في يوم تشخص فيه القلوب والأبصار.
*
علاج الكسل:
إن للكسل طرقا عدة لعلاجه، ولتصيد الفيروسات التي انتشرت في جسم الكسول، حيث أنه يستطيع التخلص منها إن قام بأعمال ترفع عنه الكسل، ومن هذه الأعمال:
الغسل، والدعاء في أجواء من جمال الطبيعة، والخروج من الأجواء التي تدعو للكسل، والإلتجاء إلى الله للعون للتخلص من الكسل.. وبالتالي، فإنه يجب أن يكون شعارنا: (الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما) ليقينا من هذا الداء.